ما هو المقدار الكافي من النوم؟
يُعتبر النوم جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، حيث أنه يمنح أجسادنا وعقولنا الراحة اللازمة، وبالطبع تختلف احتياجات النوم من شخص لآخر، وتتغير هذه الاحتياجات مع تقدم العمر. يشاع عادة أن الإنسان يحتاج إلى ثماني ساعات من النوم يومياً ليحصل على الراحة الأمثل وهذا ينطبق على الجميع، ولكن في الحقيقة، يختلف المقدار المثالي من النوم لكل شخص باختلاف عوامل عدة مثل العمر ونمط الحياة والتفضيلات الشخصية، وأحياناً بسبب بعض المشاكل النفسية أو الجسدية.
إليك العدد المثالي من ساعات النوم التي تلزم كل الشخص وفقاً للفئة العمرية:
- الرُضَّع (0-3 أشهر): بين 14 و17 ساعة
- الأطفال (4-11 شهرًا): بين 12 و15 ساعة
- الأطفال الصغار (1-2 سنة): بين 11 و14 ساعة
- الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة (3-5 سنوات): بين 10 و13 ساعة
- الأطفال في سن المدرسة (6-13 سنة): بين 9 و11 ساعة
- المراهقين (14-17 سنة): بين 8-10 ساعات
- البالغين (18-64 سنة): بين 7-9 ساعات
- كبار السن (65+ سنة): بين 7 و8 ساعات
من الضروري أن تتذكر أن هذه التوجيهات تُعَدُّ مجرد اقتراحات، إذ قد يكون هناك أشخاص يحتاجون إلى فترات نوم أطول أو أقصر من الشخص العادي في فئتهم العمرية، فالسر يكمن في الانتباه إلى كيفية شعورك خلال اليوم، وعليه يجب أن تكون حسّاساً لاحتياجات جسدك وتستمع له بشكل جيد، كما أن الحفاظ على عادات صحية قبل النوم يعتبر أمراً أساسياً. تابع القراءة حتى تعرف المزيد حيث سنتطرق إلى هذه العادات بصيغة تفصيلية أكثر.
شرح مفصل لمراحل النوم
في السابق، كنت أظن أن عملية النوم تقتصر على مرحلة واحدة فقط، تبدأ بإغلاق العيون وتنتهي عند فتحها، ولكني كتشفت فيما بعد أن النوم ليس حالة ثابتة، بل يتألف من عدة مراحل متميزة تتكرر في دورات طوال الليل، إن فهم هذه المراحل يساعد في فهم تعقيدات نمط النوم، وفيما يلي تفصيل هذه المراحل:
- المرحلة 1 (اليقظة):
هي الفترة ما بين الصحو والنوم، إنها مرحلة قصيرة وخفيفة من النوم، حيث تشعر بأنك لا تزال متصلاً بالعالم ولكن عينيك مغلقتين، خلال هذه الفترة، قد تشعر ببعض التشنجات العضلية وتستيقظ بسهولة.
- المرحلة 2 (النوم الخفيف):
تُعتبر هذه المرحلة أول “مرحلة حقيقية” للنوم، وتتميز بانخفاض في النشاط العضلي، حيث تصبح معدلات ضربات قلبك وتنفسك أكثر انتظاماً وتتوقف حركات العين خلال هذه المرحلة، تشكل هذه المرحلة جزءاً مهماً من دورة النوم.
- المرحلة 3 (النوم العميق):
تُعرف أيضاً باسم النوم البطيء (SWS)، في هذه المرحلة تكون معدلات ضربات قلبك والنشاط العضلي في أدنى مستوياتها، وتهدأ موجات الدماغ، ويخضع جسمك لعمليات إصلاحية، ومن الصعب الاستيقاظ بسرعة من النوم العميق، ولكنها مرحلة مهمة جداً لضمان الراحة العقلية والجسدية بعد الاستيقاظ.
- حركة العين السريعة: (REM)
هو نوع مميز من النوم يبدأ بعد حوالي 90 دقيقة من النوم ويستمر طوال الليل، متزايداً في الفترات اللاحقة من دورة النوم. تتحقق هذه المرحلة من النوم عندما يكون دماغك في حالة نشاط عالية، وتتحرك عيناك بسرعة خلالها ومن هنا أتت تسمية “حركة العين السريعة”، ترتخي عضلاتك في هذه المرحلة من النوم وهو الأمر الذي يوقفك عن التفاعل مع أحلامك وتأدية أفعالها. لا نبالغ لو قلنا إن النوم في مرحلة حركة العين السريعة هو الأهم بالنسبة لجسمك، لا سيما لوظائف الإدراك وتعزيز الذاكرة ومعالجة العواطف، كما يُلاحظ أن الأحلام الأكثر وضوحاً والتي يمكنك تذكرها بعد الاستيقاظ هي تلك التي تحدث في هذه المرحلة.
فهم شامل للساعة البيولوجية للإنسان
تنظم ساعتك الداخلية والتي تسمى بالساعة البيولوجية دورة النوم والاستيقاظ، ولذلك فإن الحفاظ على روتين نوم منتظم أمر حاسم ومهم لضبط التزامن مع دورة النوم اليومية الخاصة بك، يمكن أن يساعد هذا الانتظام في تحسين جودة النوم.
- الساعة البيولوجية: تُعد الساعة البيولوجية، التي تقع في الغالب في نواة السمع البصرية في الدماغ، المُنظم الرئيسي للإيقاع البيولوجي اليومي في الجسم. تحصل نواة السمع البصرية على المعلومات من مصادر خارجية، كالضوء مثلاً، حتى تتمكن من ضبط الساعة البيولوجية الداخلية للجسم ومزامنتها مع دورة الليل والنهار.
- دورة النوم: تعتبر دورة النوم والاستيقاظ واحدة من أبرز سمات إيقاع الساعة البيولوجية، وتؤثر هذه الدورة على مستويات الطاقة لدينا واستعدادنا للنوم ودرجة انتباهنا طوال اليوم، وعادةً ما ينام الناس في الليل ويكونون في أوج نشاطهم خلال النهار.
- تنظيم الهرمونات: تؤثر الساعة البيولوجية أيضاً على إفراز الهرمونات مثل الميلاتونين والكورتيزول وهرمون النمو. على سبيل المثال، ترتفع مستويات الميلاتونين في المساء لتشجيع النوم، بينما تصل ذروة مستويات الكورتيزول في الصباح للمساعدة على الاستيقاظ.
- درجة حرارة الجسم: تبلغ درجة حرارة الجسم الأساسية ذروتها أثناء النهار وتنخفض أثناء الليل، وهي عملية يومية، يفيد هذا التغير في درجة الحرارة في التأثير على الصحة العامة وأنظمة الاستقلاب.
- التأثير على الصحة: يمكن أن تؤدي الاضطرابات في الساعة البيولوجية، مثل العمل في ورديات عمل متغيرة أو الانغماس في أنماط نوم غير منتظمة، أو التعرض لإرهاق السفر واختلاف التوقيت، إلى تأثيرات سلبية على الصحة العامة. يترتب على ذلك تقلبات في المزاج وصعوبات في النوم، وهو ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري، والسمنة، وأمراض القلب.
- الحفاظ على المزامنة: يمكن أن يسهم الحفاظ على جدول زمني منتظم وتوفير كمية كافية من الإضاءة الطبيعية أثناء النهار في مزامنة الساعة البيولوجية مع البيئة الخارجية، مما يساعد في تحسين نوعية النوم وتعزيز الصحة بشكل عام.
الفهم الشامل للحرمان من النوم
يمثل الحرمان من النوم تراكم نقص الساعات اللازمة للجسم للراحة والتجديد. يتفاقم هذا الحرمان مع مضي كل ليلة دون الحصول على كمية النوم الملائمة، يمكن أن يتسبب الحرمان المستمر من النوم في ظهور العديد من المشاكل الصحية، منها انخفاض الوظائف العقلية، وعدم استقرار الحالة العاطفية، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، لذا من المهم جداً الحصول على كمية كافية من النوم بانتظام لتعزيز الصحة العامة، يُمكن عادة تعويض فترات قصيرة من الحرمان من النوم بليالٍ تحصل فيها على قدر إضافي من النوم، ولكن يحتاج الحرمان المستمر إلى وقت أطول للتعافي والحفاظ على صحة جيدة.
كيف تحسن من جودة نومك:
تجنب ما يلي:
- شرب الكحول: من المعروف أن شرب الكحول يؤدي إلى الإدمان ويؤثر سلباً على عدة أنظمة في الجسم، وبشكل عام يقلل من جودة حياتك، كما أظهرت الدراسات أنه يؤثر مباشرة على النوم ويتداخل مع أنماط النوم بشكل سلبي.
- شرب الكافيين قبل 8 ساعات من النوم: من المهم تجنب تناول أي نوع من الكافيين على الأقل خمس ساعات قبل الذهاب إلى الفراش.
- التوتر: قم بإدارة التوتر خلال يومك، حيث يمكنك ممارسة طرق الاسترخاء لتساعدك في ذلك، فهذه الطرق تحسن من مزاجك وتساعدك في الحصول على نوم هانئ.
- استخدام شاشات العرض قبل النوم: حاول تجنب النظر إلى الشاشات قبل الذهاب إلى النوم، حيث يمكن أن يتداخل ضوئها الأزرق مع دورة نومك ويؤثر بشكل سلبي عليها.
- الحرارة، الضوضاء، والضوء: قم بتجهيز منطقة النوم بعناية وحاول جعلها مريحة وسليمة قدر الإمكان، سيساعدك ذلك في النوم بشكل أسرع ولفترة أطول.
- تجنب ممارسة التمارين الرياضية قبل النوم: من الأفضل تجنب ممارسة التمارين الشاقة قبل النوم، حيث يفضل أن تكون في حالة استرخاء لتحقيق جودة نوم أفضل.
احرص على فعل ما يلي:
- الحفاظ على نظام غذائي صحي: تناول وجبات متوازنة وتجنب الأطعمة الثقيلة والحارة أو الغنية بالكافيين عندما تقترب من وقت النوم.
- ممارسة التأمل: يمكن لتقنيات الاسترخاء أن تساعد في تقليل التوتر وتحسن من جودة النوم.
- تضمين الفيتامينات في طعامك: يمكنك أن تبدأ في تناول مكملات الفيتامينات والمعادن مثل الزنك والمغنيسيوم والتي تعرف بدورها في تحسين جودة النوم.
ماهي الحالات الصحية التي يمكن أن تؤثر على جودة نومك؟
في بعض الأحيان، قد تؤثر حالات طبية معينة على نومك، إليك بعض الحالات التي قد تؤثر على جودة نومك:
- النوم القهري: اضطراب يسبب نعاساً زائداً خلال النهار.
- متلازمة تململ الساقين: نوع من الاضطرابات يتمثل بتوليد إحساسات غير مريحة في الساقين تؤدي إلى رغبة لا تقاوم في تحريكهما.
- انقطاع النفس أثناء النوم: حالة يتوقف فيها التنفس ويعود بشكل متكرر أثناء النوم.
- الاكتئاب: يمكن للاضطرابات المزاجية أن تؤدي إلى اضطرابات في النوم.
- اضطراب القلق العام: يمكن للقلق والتوتر الزائد أن يؤثران على النوم.
إذا كنت تشك في وجود حالة طبية تؤثر على نومك، فإنه من المهم استشارة أخصائي الرعاية الصحية حتى تحصل على تقييم مناسب وعلاج آمن، سيساعدك ذلك في الحفاظ على حياة صحية وسعيدة والاستمتاع بنوم هانئ وعميق.
كيف تعرف إن كانت جودة نومك سيئة أو جيدة؟
لتسهيل الأمور عليك، سنقدم لك بعض الاقتراحات التي يمكن أن تساعد في تحسين جودة نومك، فيما يلي ما يمكنك القيام به:
- استخدام تطبيق لتتبع النوم: يمكن أن توفر هذه التطبيقات رؤى حول أنماط نومك وتساعدك في الالتزام بوقت دقيق للنوم والاستيقاظ.
- إجراء اختبار نوم في العيادة أو في المنزل: يمكن أن تساعد هذه الاختبارات في تشخيص اضطرابات النوم لمعرفة كيفية التعامل معها لاحقاً.
- استشارة طبيب النوم: إذا كنت تعاني باستمرار من مشاكل النوم، فإن اللجوء إلى طبيب مختص سيكون الخيار الأمثل.
الخلاصة:
في الختام، يجدر بنا التأكيد على أهمية العناية بجودة النوم لتعزيز الصحة العامة، ويمكن أن يساعدك الحفاظ على عادات النوم الصحية ومعالجة اضطرابات النوم على الاستيقاظ وأنت تشعر بالانتعاش والنشاط كل يوم، يُفضل التحدث مع مقدم الرعاية الصحية إذا كانت لديك أية شكوك حول وجود مشكلة خطيرة قد تؤثر على نومك. تكمن الخطوة الأولى لتحقيق نوم صحي في فهم أنماط النوم الشخصية الخاصة بك والقدرة على التحكم بها.