ماذا يقصد بالضبط بالعلاقات خارج إطار الزواج؟
يخلط الكثيرون بين العلاقة العاطفية والعلاقة الجسدية، دون إيلاء اهتمام كافٍ لأبعاد وتعقيدات العلاقة العاطفية. في دراسةٍ موسعة أجرتها كيرا سلاي من جامعة ولاية كاليفورنيا، نورثريدج، عرّفت الخيانة على أنها “كسرٌ في الثقة وإخفاءٌ للأسرار ضمن سياق الشراكة الحميمة” (شنايدر وآخرون، 2012، ص 136). يُظهر هذا التعريف أن العلاقات العاطفية تتجلى بأشكال متعددة:
1- الخيانة الجسدية:
يتم التركيز عادةً في المفهوم التقليدي للخيانة على الأفعال الجسدية، ولكن الدراسات تشير إلى أن الخيانة مفهوم يتعدى حدود الجسد. وفقاً لاستطلاعات تمثل المجتمع الأمريكي، مثل الاستطلاع الاجتماعي العام والاستطلاع الوطني للصحة والحياة الاجتماعية، تظهر معدلات انتشار العلاقات الجنسية خارج الزواج نسب تتراوح بين 12-15% للنساء و23-25% للرجال، ويعدّ توسيع تعريف الخيانة الزوجية ليشمل الشؤون العاطفية سبباً في مضاعفة هذه المعدلات (جلاس رايت، 1992).
2- الخيانة العاطفية:
على عكس الاعتقاد الشائع الذي يحصر الخيانة الزوجية بالأفعال الجسدية، فإن الخيانة العاطفية تهدّد القواعد الراسخة للعلاقة وتشكل خطراً قوياً على استمرارها. يُوضِّح تقرير (شنايدر وآخرون، 2012) أنَّ المشاركة مع طرف ثالث تُعدُّ كسراً للثقة يظهر من خلال تبادل الأفكار، والحب، والحميمية، وتنامي الالتزام، والاستثمار المالي خارج نطاق العلاقة، كما تظهر دراسات مثل دراسة ( شوتزفول وآخرين، 2004)، عن ديناميكيات مثيرة للاهتمام، تشير إلى أن الشريك، من كلا الجنسين، يعيش غيرةً متزايدة عند اكتشاف تورط الشريك الآخر في علاقة عاطفية مقارنة بالخيانة الجنسية.
3- الخيانة الافتراضية (الجنس الافتراضي):
تظهر الخيانة الافتراضية في عصرنا الرقمي كبُعد مميز، حيث تحدث دون وجود تواصل جسدي. يقوم تقرير من (شنايدر وآخرون، 2012) بتسليط الضوء على التضاربات العاطفية الناشئة عن عدم وجود اتصال جسدي وعواطف حقيقية.
يجب أن يكون لدينا وعي تام بفهم الأبعاد المعقدة للموضوع، حيث يتطلب إدراكنا للخيانة تفهماً عميقاً للجوانب العاطفية والجسدية والافتراضية التي تشكلها، من خلال فهمنا الواضح له، يمكننا أن نحظى برؤية شاملة للصلات المعقدة ما بين الثقة، والعواطف، وديناميكيات العلاقة.
نظرة شاملة حول الاكتئاب:
الاكتئاب اضطراب مزاجي شائع، ولكنه خطير ويمتاز بظهور أعراض حادة مستمرة لمدة لا تقل عن أسبوعين، ويتعين تحقق هذا الشرط لتشخيص فرد على أنه مصاب بالاكتئاب. لكننا نتناول في هذا المقال الاكتئاب لدى الرجال على وجه التحديد، لنلقِ نظرة أوسع عليه.
كيف تُدْرِك إذا كان الرجل يعاني من الاكتئاب؟ اكتشف العلامات الخفية.
مثل أي نوع آخر من الاضطرابات، تتضمن مشاعر الاكتئاب التي يعاني منها الرجال عواطف مستمرة من الحزن والتشاؤم وفقدان الاهتمام بالحياة، إلا أن الاكتئاب لدى الرجال يمكن أن يظهر بشكل انفعالات غاضبة أو سلوك عدواني، مما يجعل من الصعب على عائلاتهم وأصدقائهم، وحتى على الأطباء، تحديد الاكتئاب تبعاً لهذه السلوكيات الغاضبة أو العدوانية، على الرغم من أن العديد من الرجال يعانون من اضطرابات الاكتئاب، بما في ذلك اضطراب الاكتئاب الحاد.
التعرف على الأعراض والتعامل معها
يمكن للأفراد المحيطين بالرجال الذين يعانون من الاكتئاب أن يلاحظوا العديد من العلامات والأعراض، مثل:
- مشاعر الحزن المستمرة: تأثر الحياة اليومية بشكل كبير بمشاعر الحزن أو الإحباط المستمرة.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة الحياتية: فقدان الاهتمام بالهوايات والعمل والتواصل الاجتماعي.
- الأعراض الجسدية: إشارات إلى آلام غير مفسرة أو مشاكل هضمية.
- تغييرات في الشهية وأنماط النوم: تغيرات في عادات الأكل وصعوبات في النوم.
- صعوبة التركيز واتخاذ القرارات: صعوبة في التركيز واتخاذ القرارات.
- الغضب والعدوانية: زيادة في الغضب أو العدوانية.
- إدمان المواد: اللجوء إلى الكحول أو المخدرات كوسيلة للتكيف مع الألم العاطفي.
- السلوك المتهور: المشاركة في أنشطة متهورة للتعامل مع الألم العاطفي يمكن أن تكون علامة على الاكتئاب عند الرجال.
المؤشرات العاطفية:
- التشاؤم مستمر.
- الشعور بفقدان الاهتمام بالحياة.
- النزق أو سرعة الغضب.
- القلق.
- عدم القدرة على التركيز أو تذكر التفاصيل.
- التعب.
- التغير في النوم والشهية.
- أفكار بالإيذاء الذاتي في حالات الاكتئاب العميق
يمكن أن تؤثر هذه الأعراض بشكل خطير على علاقات الرجل واستقرار حياته ورفاهه بشكل عام.
العلاقة المعقدة بين اكتئاب الرجل والعلاقات العاطفية خارج إطار الزواج
فهم العلاقة المُعقدة بين اكتئاب الرجل والعلاقات العاطفية خارج إطار الزواج يشكل خطوة رئيسية وحيوية، حيث يُعاني نحو 3.6% من الرجال من الاكتئاب سنوياً، ويبقى عدد كبير منهم من دون تشخيص. تكشف هذه الحقائق عن وجود صلة معقدة تربط بين العلاقات العاطفية والاكتئاب، فقد ينجذب الرجال إلى العلاقات العاطفية خارج إطار الزواج للحصول على الدعم العاطفي من شخص آخر غير الشريك، لما يوفره لهم هذا من استراحة مؤقتة من الصراعات الداخلية التي يعيشونها
كيف يؤدي الاكتئاب عند الرجال إلى العلاقات العاطفية؟
لفهم هذه المعادلة بشكل أوضح، دعونا نرسم صورة تمثل الحالة:
اكتشاف الصلة بين الاكتئاب والعلاقات خارج إطار الزواج:
تخيل أنك تعاني من اكتئاب غير مشخّص، وتغمرك مشاعر الحزن واليأس. تفقد رغبتك في ممارسة الأنشطة الترفيهية وتتحول حياتك إلى روتين مؤلم، إلى جانب الحديث المتكرر عن حالتك المزاجية مع الشريك. يصبح التعبير عن مشاعرك أكثر صعوبة، وقد تبدأ في التشكيك في قيمتك في العلاقة.
نقطة التحوّل:
تجد دعماً عاطفياً في زميلة عمل تثق بها، وينشأ تواصل حميم بينكما، تتشاركان بعض الأحاديث الخاصة، وربما تحدثك عن مشاكلها العاطفية وتثني على قدرتك على الاستماع مما يجعلك تشعر براحة أكبر. مع مرور الوقت، قد تتبادلان الهدايا ويفصح كلّ منكما عن المزيد من التفاصيل الحميمية عن حياته، بما في ذلك مشاعر الاكتئاب التي تنتابه، وهنا تجد نفسك تقوم بحذف النصوص وإخفاء آثار التواصل المتكرر لإخفاء عمق المحادثات.
مغامرة المحادثات واللقاءات:
تصبح العلاقة المحتملة مثيرة، وتتأرجح بين الحزن والفرح، حيث يتولد لديك الشعور بأن حياتك تأخذ منعطفاً جيداً، إلا أن العواقب المترتبة على هذه المشاعر، تؤثر على مشاعرك وتهدد علاقتك الرئيسية وصورتك عن ذاتك.
تحليل الدوافع:
يعتقد اخصائيو الصحة النفسية ومحللي العلاقات أن الأفراد يسعون للتواصل العاطفي خارج العلاقة الرومانسية الرئيسية كآلية تكيف، إذ يعتبرون العلاقات العاطفية عزاءً ومهرباً مؤقتاً من الألم العاطفي الناجم عن الاكتئاب، إلا أنه يأتي على حساب العلاقة الرئيسية والسعادة الزوجية، مسبباً الأذى لجميع الأطراف المعنية.
كيف يمكنك حل هذه المشكلة كرجل؟
-
طلب الدعم من الأصدقاء والأقارب:
يتعين على الرجال الذين يواجهون مشاكلاً مشابهة أن يتخذوا إجراءات فعّالة للتعامل مع الاكتئاب وتأثيره على علاقاتهم العاطفية، والأهم من ذلك أنهم بحاجة إلى المساعدة والتشجيع من المقربين منهم، وخاصة من شركائهم، للحديث عن مشاكلهم ومشاعرهم.
-
الاستعانة بالأخصائيين لطلب المساعدة:
تشجيع الرجل المصاب بالاكتئاب على التواصل مع خبير الصحة العقلية في أقرب وقت ممكن أمر بالغ الأهمية، حيث إن الأبحاث تشير إلى أن تلقي العلاج في وقت مبكر يمكن أن يقلل من مدة العلاج المطلوب ويخفف الأعراض بسرعة أكبر.
-
النظر في العلاج الأسري الزوجي:
يمكن أيضاً النظر في العلاج الأسري الزوجي لمساعدة العلاقة على التعافي من التحديات التي مرت بها خلال الفترة الصعبة، والتي أثرت على الشريكين.
كيف تعرف ما إذا كنت تخوض علاقة عاطفية؟
لفهم ما إذا كنت في علاقة عاطفية، يتطلب الأمر بعض التأمل الداخلي والنظر في تجاربك العاطفية، في حين أن العلامة الأوضح على الخيانة العاطفية هي مشاركة الأحاديث الخاصة مع طرف ثالث وإخفائها عن شريكك الأساسي.
فهم دوافع الخيانة العاطفية
- تدني احترام الذات: قد يسعى الأفراد الذين يعانون من تدني في احترام الذات إلى السعي نحو تأكيد خارجي على أهميتهم وقيمتهم بعيداً عن علاقتهم الأساسية، ويلجؤون إلى الشؤون العاطفية خارج نطاق الزواج ليحصلوا على هذا الشعور بالتقدير.
- عدم الرضا: الشعور بعدم الرضا داخل العلاقة، سواء عاطفياً أو جسدياً، يمكن أن يدفع الأفراد إلى البحث عن المشاعر المفقودة في مكان آخر، مما يؤدي إلى علاقات عاطفية سرية.
- الحاجة إلى السيطرة: قد ينخرط بعض الرجال في شؤون عاطفية لممارسة السيطرة أو الهيمنة، خاصة إذا شعروا بنقص السيطرة في جوانب أخرى من حياتهم.
- الاكتئاب: قد يلجأ الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب إلى الشؤون العاطفية كآلية للتكيف، بحثاً عن العزاء أو الإلهاء عن صراعاتهم الداخلية.
كيف تتصرف لحل المشكلة؟
يتطلب علاج الاكتئاب وتحسين العلاقات العاطفية توجيه اهتمام خاص للعديد من الجوانب، من المهم التركيز على التواصل المفتوح، واستكشاف الخيارات العلاجية، وطلب المساعدة من أخصائي الصحة النفسية، والاستعانة بالعلاج الأسري. قد يتضمن العلاج أيضاَ استخدام أدوية خاصة، ومن الضروري التقيد بنصائح الطبيب في حال رأى حاجة لذلك واتباع الوصفة الطبية التي يوصي باستخدامها وفقاً للإرشادات.
الأسئلة المتكررة
هل يمكن أن يؤدي اكتئاب الرجل إلى الخيانة؟
في حين أن الاكتئاب ليس شرطاً للخيانة الزوجية، إلا أنه يمكن أن يجعل الرجال أكثر عرضة للانخراط بالشؤون العاطفية كآلية للتكيف.
ما هي علامات الاكتئاب عند الرجل؟
يمكن أن يظهر الاكتئاب لدى الرجال على شكل حزن وسرعة في الغضب وفقدان الاهتمام، وتغيرات في النوم والشهية، وغيرها من الأعراض.
لماذا يخون الرجال؟
قد ينخرط الرجال بعلاقات الخيانة لأسباب مختلفة، بما في ذلك عدم الرضا العاطفي، أو الرغبة في التجديد، أو آلية للتكيف مع المشاكل الشخصية.
خلاصة القول حول الاكتئاب لدى الرجال والعلاقات العاطفية
طلب المساعدة أمر بالغ الأهمية بالنسبة للرجال الذين يتعاملون مع الاكتئاب والشؤون العاطفية، تذكّر أنه ليس عليك مواجهة هذه المشكلة بمفردك، تواصل مع أخصائي الصحة العقلية لفهم مشاعرك والعمل للوصول إلى حياة أكثر صحة وسعادة.
